ما هي فاستحيى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد فصلى فيه ما شاء الله ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكأ عليه.
فلما رأى النبي (صلى الله عليه وآله) ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد، فلم يزل يصلي بين راكع وساجد وكلما صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء فلما رآها النبي (صلى الله عليه وآله) أنها لا يهنئها النوم، وليس لها قرار قال لها: قومي يا بنية فقامت فحمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي (عليه السلام) وهو نائم فوضع النبي رجله على رجل علي فغمزه وقال: قم يا أبا تراب، فكم ساكن أزعجته، ادع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة.
فخرج علي (عليه السلام) فاستخرجهما من منزلهما، واجتمعوا عند رسول الله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني [ومن آذاني فقد آذى الله] (1) ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي؟ قال: فقال علي: بلى يا رسول الله قال: فقال: فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال علي: والذي بعثك بالحق نبيا ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي فقال النبي (صلى الله عليه وآله): صدقت وصدقت.
ففرحت فاطمة (عليها السلام) بذلك وتبسمت حتى رئي ثغرها فقال أحدهما لصاحبه: إنه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة قال: ثم أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن وحمل الحسين علي (عليه السلام) وحملت فاطمة (عليها السلام) أم كلثوم وأدخلهم النبي (صلى الله عليه وآله) بيتهم ووضع عليهم قطيفة، واستودعهم الله ثم خرج وصلى بقية الليل.
فلما مرضت فاطمة (عليها السلام) مرضها الذي ماتت فيه أتياها عائدين و استأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهدا لا يظله سقف