فوثب علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته، وهم بقتله، فذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما أوصاه به من الصبر والطاعة فقال:
والذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي، فأرسل عمر يستغيث.
فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم وبينه فاطمة عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت - صلى الله عليها - من ذلك شهيدة.
وساق الحديث الطويل في الداهية العظمى والمصيبة الكبرى إلى أن قال ابن عباس:
ثم إن فاطمة (عليها السلام) بلغها أن أبا بكر قبض فدكا فخرجت في نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر فقالت: يا أبا بكر تريد أن تأخذ مني أرضا جعلها لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدعا أبو بكر بدواة ليكتب به لها، فدخل عمر فقال: يا خليفة رسول الله لا تكتب لها حتى تقيم البينة بما تدعي فقالت فاطمة (عليها السلام): علي وأم أيمن يشهدان بذلك، فقال عمر، لا تقبل شهادة امرأة أعجمية لا تفصح، وأما علي فيجر النار إلى قرصته.
فرجعت فاطمة مغتاظة فمرضت، وكان علي يصلي في المسجد الصلوات الخمس فلما صلى قال له أبو بكر وعمر: كيف بنت رسول الله إلى أن ثقلت فسألا عنها وقالا:
قد كان بيننا وبينها ما قد علمت فإن رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا، قال:
ذاك إليكما.
فقاما فجلسا بالباب ودخل علي (عليه السلام) على فاطمة (عليها السلام) فقال لها: أيتها الحرة فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلما عليك فما تريدين؟ قالت: البيت بيتك، و الحرة زوجتك، افعل ما تشاء! فقال: سدي قناعك فسدت قناعها وحولت وجهها