وقد ورد من كلامها (عليها السلام) في مرض موتها ما يدل على شدة تألمها وعظم موجدتها وفرط شكايتها ممن ظلمها ومنعها حقها أعرضت عن ذكره، وألغيت القول فيه، ونكبت عن إيراده لان غرضي من هذا الكتاب نعت مناقبهم ومزاياهم وتنبيه الغافل عن موالاتهم، فربما تنبه ووالاهم، ووصف ما خصهم الله به من الفضائل التي ليست لاحد سواهم، فأما ذكر الغير والبحث عن الشر والخير فليس من غرض هذا الكتاب وهو موكول إلى يوم الحساب وإلى الله تصير الأمور.
بيان: النقف: كسر الهامة عن الدماغ أو ضربها أشد ضرب أو برمح أو عصا.
20 - روضة الواعظين: مرضت فاطمة (عليها السلام) مرضا شديدا ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت (صلوات الله عليها) فلما نعيت إليها نفسها دعت أم أيمن وأسماء بنت عميس ووجهت خلف علي وأحضرته، فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لا حق بأبي ساعة بعد ساعة (1) وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.
قال لها علي (عليه السلام): أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله! فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت ثم قالت: يا ابن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني فقال (عليه السلام): معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله [من] أن أوبخك بمخالفتي (2) قد عز علي مفارقتك وتفقدك، إلا أنه أمر لابد منه، والله جددت علي مصيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد عظمت وفاتك وفقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها هذه والله مصيبة لا عزاء لها، ورزية لا خلف لها.