إلى الحائط، فدخلا وسلما وقالا: أرضي عنا رضي الله عنك فقالت: ما دعا إلى هذا؟
فقالا: اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا فقالت: إن كنتما صادقين فأخبراني عما أسألكما عنه، فإني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه، فإن صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما قالا: سلي عما بدا لك.
قالت: نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني)؟ قالا: نعم فرفعت يدها إلى السماء فقالت: اللهم إنهما قد آذياني فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور، وجزع جزعا شديدا فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة؟.
قال: فبقيت فاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله) وسلم أربعين ليلة فلما اشتد بها الامر دعت عليا (عليهما السلام) وقالت: يا ابن عم ما أراني إلا لما بي وأنا أوصيك أن تتزوج بأمامة بنت أختي زينب تكون لولدي مثلي، واتخذ لي نعشا فإني رأيت الملائكة يصفونه لي، وأن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي.
قال ابن عباس: فقبضت فاطمة (عليها السلام) من يومها فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقبل أبو بكر وعمر يعزيان عليا (عليه السلام) ويقولان له: يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله، فلما كان الليل دعا علي (عليه السلام) العباس والفضل والمقداد وسلمان وأبا ذر وعمارا فقدم العباس فصلى عليها ودفنوها.
فلما أصبح الناس أقبل أبو بكر وعمر والناس يريدون الصلاة على فاطمة (عليها السلام) فقال المقداد: قد دفنا فاطمة البارحة، فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال: لم أقل لك إنهم سيفعلون قال العباس: إنها أوصت أن لا تصليا عليها فقال عمر: لا تتركون يا بني هاشم حسدكم القديم لنا أبدا إن هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب، والله لقد هممت أن أنبشها فأصلي عليها، فقال علي (عليه السلام): والله لو رمت ذاك يا ابن صهاك لا رجعت