قال علي (عليه السلام): فأقمت بعد ذلك شهرا أصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأرجع إلى منزلي، ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة (عليها السلام) ثم قلن أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ألا نطلب لك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخول فاطمة عليك؟ فقلت: افعلن، فدخلن عليه فقالت أم أيمن: يا رسول الله لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة وإن عليا يريد أهله، فقر عين فاطمة ببعلها واجمع شملها وقر عيوننا بذلك، فقال:
فما بال علي لا يطلب مني زوجته، فقد كنا نتوقع ذلك منه، قال علي: فقلت:
الحياء يمنعني يا رسول الله.
فالتفت إلى النساء فقال: من ههنا؟ فقالت أم سلمة: أنا أم سلمة وهذه زينب، وهذه فلانة وفلانة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا، فقالت أم سلمة: في أي حجرة يا رسول الله؟ فقال رسول الله: في حجرتك وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها.
قالت أم سلمة: فسألت فاطمة: هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك؟ قالت: نعم فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط، فقلت ما هذا؟ فقالت: كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول لي: يا فاطمة هات الوسادة فاطرحيها لعمك، فأطرح له الوسادة فيجلس عليا، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه، فسأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل.
قال علي: ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي اصنع لأهلك طعاما فاضلا ثم قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن، فاشتريت تمرا وسمنا فحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه حيسا، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح، وخبز لنا خبز كثير.
ثم قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): ادع من أحببت، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة، فأحييت أن أشخص قوما وأدع قوما، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت:
أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالا، فاستحييت من كثرة الناس وقلة