ظل حائط بني جدعان، فانطلق النبي فضمهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما، فقال له أبو الدرداء: دعني أحملهما فقال: يا أبا الدرداء دعني أمسح الدموع عنهما فوالذي بعثني بالحق نبيا لو قطر قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في أمتي إلى يوم القيامة ثم حملهما وهما يبكيان وهو يبكي.
فجاء جبرئيل فقال: السلام عليك يا محمد رب العزة جل جلاله يقرئك السلام ويقول: ما هذا الجزع؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا جبرئيل ما أبكي جزعا بل أبكي من ذل الدنيا، فقال جبرئيل: إن الله تعالى يقول: أيسرك أن أحول لك أحدا ذهبا ولا ينقص لك مما عندي شئ؟ قال: لا، قال لم؟ قال: لان الله تعالى لم يحب الدنيا ولو أحبها لما جعل للكافر أكملها، فقال جبرئيل (عليه السلام): يا محمد ادع بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت، قال: فدعا بها فلما حملت فإذا فيها ثريد ولحم كثير، فقال: كل يا محمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك، قال: فأكلوا فشبعوا قال: ثم أرسل بها إلي فأكلوا وشبعوا وهو على حالها، قال: ما رأيت جفنة أعظم بركة منها، فرفعت عنهم فقال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق لو سكت لتداولها فقراء أمتي إلى يوم القيامة.
73 - أقول: وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه روي مرسلا عن جماعة من الصحابة قالوا: دخل النبي (صلى الله عليه وآله) دار فاطمة (عليها السلام) فقال: يا فاطمة إن أباك اليوم ضيفك، فقالت (عليها السلام): يا أبت إن الحسن والحسين يطالباني بشئ من الزاد فلم أجد لهما شيئا يقتاتان به، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل وجلس مع علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله) نظر إلى السماء ساعة وإذا بجبرئيل (عليه السلام) قد نزل، وقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام، ويقول لك: قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين:
أي شئ يشتهون من فواكه الجنة؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي! ويا فاطمة! ويا حسن! ويا حسين! إن رب العزة علم أنكم جياع فأي شئ تشتهون من فواكه الجنة؟ فأمسكوا عن الكلام