ما تركت شيئا من غوائلنا ومسائتنا وما هذا إلا من شئ في صدرك علينا، هل هذا إلا كما غسلت رسول الله (صلى الله عليه وآله) دوننا ولم تدخلنا معك، وكما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن: أنزل عن منبر أبي.
فقال لهما علي (عليه السلام): أتصدقاني إن حلفت لكما؟ قالا: نعم، فحلف فأدخلهما علي المسجد قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد أوصاني وقد تقدم إلي أنه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن عمه، فكنت اغسله والملائكة تقلبه والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط العينين بالخرقة، ولقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت ولم أر الصورة: لا تنزع قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولقد سمعت الصوت يكرره علي فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته، ثم قدم إلي الكفن فكفنته، ثم نزعت القميص بعدما كفنته.
وأما الحسن ابني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة أنه كان يتخطى الصفوف حتى يأتي النبي (صلى الله عليه وآله) وهو ساجد فيركب ظهره فيقوم النبي (صلى الله عليه وآله) ويده على ظهر الحسن والأخرى على ركبته حتى يتم الصلاة قالا: نعم قد علمنا ذلك.
ثم قال: تعلمان ويعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ويركب على رقبته ويدلي الحسن رجليه على صدر النبي (صلى الله عليه وآله) حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب ولا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي (صلى الله عليه وآله) من خطبته والحسن على رقبته فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك، والله ما أمرته بذلك ولا فعله عن أمري.
وأما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها، فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما، والله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها ولا الصلاة عليها، وما كنت الذي أخالف أمرها ووصيتها إلي فيكما فقال عمر: دع عنك هذه الهمهمة، أنا أمضي إلى المقابر فأنبشها حتى أصلي عليها، فقال له علي (عليه السلام): والله لو ذهبت تروم من ذلك شيئا وعلمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك فإني كنت لا أعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شئ من ذلك.