من عجائبه في إخباره عن الخوارج وقتلهم، وتركه مع هذا أن يظهر منه استطالة أو صلف (1) بل كان الغالب عليه إذا كان ذلك غلبة البكاء عليه والاستكانة لله، حتى يقول له رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا البكاء يا علي؟ فيقول: أبكي لرضا رسول الله صلى الله عليه وآله عني، قال: فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله و ملائكته ورسوله عنك راضون، وذهاب البرد عنه في أيام البرد، وذهاب الحر عنه في أيام الحر، فكان لا يجد حرا ولا بردا، والتأبيد بضرب السيف في سبيل الله، والجمال قال: أشرف يوما على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ما ظننت إلا أنه أشرف علي القمر ليلة البدر، ومباينته للناس في إحكام خلقه، قال: وكان له سنام كسنام الثور، بعيد ما بين المنكبين، وإن ساعديه لا يستبينان من عضديه من إدماجهما من إحكام الخلق لم يأخذ بيده أحدا (2) إلا حبس نفسه، فإن زاد قليلا قتله.
قال ابن دأب: فقلنا: أي شئ معنى أول خصاله بالمواساة؟ قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله له: إن قريشا قد أجمعوا على قتلي فنم على فراشي، فقال: بأبي أنت وأمي السمع والطاعة لله ولرسوله، فنام على فراشه ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله لوجهه، وأصبح علي وقريش يحرسه، فأخذوه فقالوا: أنت الذي غدرتنا منذ الليلة فقطعوا له قضبان الشجر فضرب حتى كادوا يأتون على نفسه، ثم أفلت من أيديهم وأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في الغار أن أكثر ثلاثة أبا عر واحدا لي وواحدا لأبي بكر وواحدا للدليل، واحمل أنت بناتي إلى أن تلحق بي، ففعل.
قال: فما الحفيظة والكرم؟ قال: (3) مشى على رجليه وحمل بنات رسول الله صلى الله عليه وآله على الظهر، وكمن النهار وسار بهن الليل ماشيا على رجليه فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تفلقت قدماه دما ومدة، (4) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: