ولا يكنز إلا خيفة الفقر، (1) ولا يصلحان إلا للانفاق في أوقات الافتقار إليهما، ولا حاجة في الجنة ولا فقر ولا فاقة، لأنها دار السلام من جميع ذلك ومن الآفات كلها وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهذا الكنز هو المفتاح وذلك أنه عليه السلام قسيم الجنة وإنما صار عليه السلام قسيم الجنة والنار لان قسمة الجنة والنار إنما هي على الايمان والكفر، وقد قال له النبي صلى الله عليه وآله:
يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق وكفر، فهو عليه السلام بهذا الوجه قسيم الجنة والنار، وقد سمعت بعض المشائخ يذكر أن هذا الكنز هو ولده المحسن عليه السلام وهو السقط الذي ألقته فاطمة عليها السلام لما ضغطت بين البابين، واحتج على ذلك (2) بما روي في السقط أنه يكون محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة فيقول لا حتى يدخل أبواي قبلي، وما روي أن الله تعالى كفل سارة وإبراهيم أولاد المؤمنين يغذونهم بشجر في الجنة لها أظلاف كأظلاف البقر، (3) فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم فهم في الجنة ملوك مع آبائهم، وأما قوله صلى الله عليه وآله: " وأنت ذو قرنيها " فإن قرنيها (4) الحسن والحسين عليهما السلام لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله عز وجل يزين بهما جنته كما تزين المرأة بقرطيها، (5) وفي خبر آخر: يزين الله بهما عرشه.
وفي وجه آخر معنى قوله صلى الله عليه وآله: " وأنت ذو قرنيها " أي إنك صاحب قرني الدنيا، وإنك الحجة على شرق الدنيا وغربها، وصاحب الامر فيها والنهي فيها،