رأينا شيخا باكيا وهو يقول: أشرفت على المائة وما رأيت العدل إلا ساعة، فسئل عن ذلك فقال: أنا هجر الحميري وكنت يهوديا أبتاع الطعام، قدمت يوما نحو الكوفة، فلما صرت بالقبة بالمسجد فقدت حميري (1)، فدخلت الكوفة على الأشتر (2) فوجهني إلى أمير المؤمنين عليه السلام فلما رآني قال: يا أخا اليهود إن عندنا علم البلايا والمنايا ما كان أو يكون، أخبرك أم تخبرني بماذا جئت؟ فقلت: بل تخبرني فقال اختلست الجن مالك في القبة، فما تشاء؟ قلت: إن تفضلت علي آمنت بك، فانطلق معي حتى إذا أتى القبة صلى (3) ركعتين ودعا بدعاء وقرأ: " يرسل عليكما شواظ من نار * ونحاس فلا تنتصران (4) " الآية، ثم قال: يا عبيد الله ما هذا العبث؟
والله ما على هذا بايعتموني وعاهدتموني يا معشر الجن، فرأيت مالي يخرج من القبة، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن عليا ولي الله، ثم إني لما قدمت الآن وجدته مقتولا.
قال ابن عقدة: إن اليهود (5) من سورات المدينة (6).
كتاب هواتف الجن: محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه قال: حدثني سلمان الفارسي في خبر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم مطير و نحن ملتفتون نحوه فهتف هاتف: السلام عليك يا رسول الله، فرد عليه السلام وقال من أنت؟ قال: عرفطة بن شمراخ أحد بني نجاح، قال: أظهر لنا رحمك الله في صورتك قال سلمان: فظهر لنا شيخ أذب أشعر قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه، وعيناه مشقوقتان طولا، وفمه في صدره، فيه أنياب بادية طوال، وأظفاره كمخالب