فعند ذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام: أين أخوك عجاج بن الحلاحل بن أبي الغضب بن سعد بن المقنع بن عملاق بن ذهب بن سعد العادي؟ فلما سمع الغلام نسبه قال: ها هو في هودج سيأتي مع جماعة منا، يا مولاي فإن شفيت علته رجعنا عن عبادة الأوثان واتبعنا ابن عمك صاحب البردة والقضيب والغمام، قال: فبينما هم في الكلام إذا قد أقبلت عجوز فوق جمل عليه محمل قد أبركته بباب المصطفى، قال الغلام: جاء أخي يا فتى، فنهض أمير المؤمنين عليه السلام ودنا من المحمل وإذا فيه غلام له وجه صبيح، ففتح عينيه فنظر إلى وجه علي عليه السلام فبكى وقال بلسان ضعيف وقلب حزين: إليكم المشتكى والملتجى يا أهل بيت النبوة، فقال له علي عليه السلام:
لا بأس عليك بعد اليوم، ثم نادى: أيها الناس اخرجوا هذه الليلة إلى البقيع سترون من علي عجبا، قال حذيفة بن اليمان: فاجتمع الناس من العصر بالبقيع إلى أن هدأ الليل، ثم خرج إليهم أمير المؤمنين عليه السلام ومعه ذو الفقار، فقال: اتبعوني حتى أريكم عجبا، فتبعوه فإذا هو بنارين متفرقة نار كثيرة ونار قليلة، فدخل في النار القليلة فأقبلها على النار الكثيرة، قال حذيفة: فسمعت زمجرة كزمجرة الرعد وقد قلب النار بعضها في بعض، ثم دخل فيها ونحن بالبعد منه، وقد تداخلنا الرعب من كثرة الزمجرة، ونحن ننتظر ما يصنع بالنار، فلم يزل كذلك إلى أن أسفر الصباح، ثم خمدت النار، فطلع منها وقد كنا آيسنا منه، فوصل إلينا و بيده رأس فيه ذروة، له أحد عشر إصبعا، وله عين واحدة في جبهته، وهو ماسك بشعره وله شعر كالدب، فقلنا له: أعان الله عليك، ثم أتى به إلى المحفل الذي فيه الغلام وقال: قم بإذن الله يا غلام فما بقي عليك بأس، فنهض الغلام ويداه صحيحتان و رجلاه سليمتان، فانكب على رجل الامام يقبلها وهو يقول: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك علي ولي الله وناصر دينه، ثم أسلم القوم الذين كانوا معه.
قال: وبقي الناس متحيرين قد بهتوا لما رأوا الرأس وخلقته، فالتفت إليهم علي عليه السلام وقال: أيها الناس هذا رأس عمرو بن الأخيل بن لاقيس بن إبليس اللعين