وقال سأعطي الراية اليوم صارما * كميا محبا للرسول مواليا (1) يحب إلهي والإله؟ يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا فأصفى بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المواخيا ويقال: إن أمير المؤمنين عليه السلام لم يجد بعد ذلك أذي حر وبرد (2).
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس هذا الخبر على وجه آخر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر إلى خيبر فرجع وقد انهزم وانهزم الناس معه، ثم بعث من الغد عمر فرجع وقد جرح في رجليه وانهزم الناس معه، فهو يجبن أصحابه و أصحابه يجبنونه! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار ولا يرجع حتى يفتح الله عليه " وقال ابن عباس: فأصبحنا متشوقين نرائي وجوهنا رجاء أن يكون يدعى رجل منا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وهو أرمد، فتفل في عينيه ودفع إليه الراية ففتح بابه عليه (3).
ثم قال السيد: فهذه الأخبار وجميع ما روي في هذه القصة وكيفية ما جرت عليه يدل على غاية التفضيل والتقديم، لأنه لو لم يفد القول إلا المحبة التي هي حاصلة في الجماعة وموجودة فيهم لما قصدوا لدفع الراية وتشوقوا إلى دعائهم إليها، ولا غبط أمير المؤمنين بها، ولا مدحته الشعراء ولا افتخرت له بذلك المقام، وفي مجموع القصة وتفصيلها إذا تأملت ما يكاد يضطر إلى غاية التفضيل و نهاية التقديم.
ثم ذكر عن بعض الأصحاب استدلالا وثيقا على أن ما ذكره النبي صلى الله عليه وآله في شأنه بعد فرار أبي بكر وعمر وسخطه عليهما في ذلك يدل على أنهما لم يكونا متصفين بشئ من تلك الصفات، وقال: إنهم لم يرجعوا في نفي الصفة عن غيره إلى مجرد