يحضروا مجلسك وتجافوا عنك تكبرا أو إفراطا في البغضاء، والمعنى على الوجهين أي مصغون لهم قابلون كلامهم، أو سماعون منك لأجلهم وللانهاء إليهم، ويجوز أن يتعلق اللام بالكذب، لان سماعون الثاني مكرر للتأكيد، أي سماعون ليكذبوا لقوم آخرين " يحرفون الكلم من بعد مواضعه " أي يميلونه عن مواضعه التي وضعه الله فيها، إما لفظا بإهماله أو تغيير وصفه (1) وإما معنى بحمله على غير المراد، و إجرائه في غير مورده " يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه " اي ان أوتيتم هذا المحرف فاقبلوه واعملوا به " وإن لم تؤتوه " بل أفتاكم محمد بخلافه " فاحذروا " أي فاحذروا قبول ما أفتاكم به " وكيف يحكمونك " تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به والحال أن الحكم منصوص عليه في الكتاب الذي هو عندهم وتنبيه على أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق، وإنما طلبوا به ما يكون أهون عليهم " ثم يتولون من بعد ذلك " ثم يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم بعد التحكيم " الذين أسلموا " صفة أجريت على النبيين مد حالهم، وتنويها بشأن المؤمنين وتعريضا باليهود " للذين هادوا " متعلق بأنزل أو بيحكم " بما استحفظوا " بسبب أمر الله إياهم بأن يحفظوا كتابه من التضييع والتحريف " وكانوا عليه شهداء " رقباء لا يتركون أن يغيروا أو يبينون ما يخفى منه كما فعل ابن صوريا " عما جاءك " أي منحرفا عما جاءك " شرعة " شريعة، وهي الطريقة إلى الماء، شبه بها الدين " ومنهاجا " وطريقا واضحا " أمة واحدة " جماعة متفقة على دين واحد في جميع الأعصار من غير نسخ (2).
قوله تعالى: " وأن احكم بينهم بما أنزل الله " قال الطبرسي: إنما كرر سبحانه الامر بالحكم بينهم لامرين: أحدهما أنهما حكمان أمر بهما جميعا لأنهم احتكموا إليه في زنى المحصن، ثم احتكموا إليه في قتيل كان بينهم، عن جماعة من المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام).
والثاني: أن الأمر الأول مطلق، والثاني يدل على أنه منزل " واحذرهم