قتادة من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورجع إلى عمه فقال: ليتني مت ولم أكن كلمت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد قال لي ما كرهت، فقال عمه رفاعة: الله المستعان، فنزلت الآيات: " إنا أنزلنا إليك الكتاب " إلى قوله: " إن الله لا يغفر أن يشرك به " فبلغ بشيرا ما نزل فيه من القرآن فهرب إلى مكة وارتد كافرا، فنزل على سلافة بنت سعد بن شهيد وكانت امرأة من الأوس من بني عمرو بن عوف نكحت في بني عبد الدار، فهجاها حسان، فقال:
وقد أنزلته بنت سعد وأصحبت * ينازعها جلد استها وتنازعه ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم * وفينا نبي عندنا الوحي واضعه فحملت رحله على رأسها وألقته في الأبطح وقالت: ما كنت تأتيني بخير أهديت إلى شعر حسان، هذا قول مجاهد وقتادة وعكرمة وابن جريج (1)، إلا أن قتادة وعكرمة قالا: (2) إن بني أبيرق طرحوا ذلك على يهودي يقال له: زيد بن السمين (3) فجاء اليهودي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجاء بنو أبيرق إليه وكلموه أن يجادل عنهم، فهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يفعل وأن يعاقب اليهودي فنزلت الآية، وبه قال ابن عباس، وقال الضحاك: نزلت في رجل من الأنصار استودع درعا فجحد صاحبها فخونه رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فغضب له قومه وقالوا: يا نبي الله خون صاحبنا وهو مسلم أمين، فعذره النبي (صلى الله عليه وآله) وذب عنه وهو يرى أنه برئ مكذوب عليه، فأنزل الله فيه الآيات، واختار الطبري هذا الوجه، قال: لان الخيانة إنما تكون في الوديعة لا في السرقة (4).
قوله تعالى: " ولا تكن للخائنين " أي لأجلهم والذب عنهم.
قوله: يختانون أنفسهم " أي يخونونها، فإن وبال خيانتهم يعود إليهم، أو جعل المعصية خيانة لهم.
قوله تعالى: " إذ يبيتون " أي يدبرون ويزورون مالا يرضى من القول