يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: ليدخل أوس بن خولي، و كان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج، فلما دخل قال له علي (عليه السلام): انزل القبر، فنزل ووضع أمير المؤمنين رسول الله (عليهما السلام) على يديه ودلاه في حفرته، فلما حصل في الأرض قال له: اخرج، فخرج، ونزل علي القبر فكشف عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووضع خده على الأرض موجها إلى القبلة على يمينه، ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب، وكان ذلك في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر (1) من هجرته (صلى الله عليه وآله)، وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولم يحضر دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك، وأصبحت فاطمة (عليها السلام) تنادي: وا سوء صباحاه، فسمعها أبو بكر فقال لها: إن صباحك لصباح سوء.
واغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه وآله) و انقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله (صلى الله عليه وآله) فتبادروا إلى ولاية الامر، واتفق لأبي بكر ما اتفق، لاختلاف الأنصار فيما بينهم، وكراهية الطلقاء والمؤلفة قلوبهم من تأخر الامر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الامر مقره فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان، وكانت أسباب معروفة تيسر للقوم منها ما راموه، ليس هذا الكتاب موضع ذكرها. فيشرح (2) القوم فيها على التفصيل، وقد جاءت الرواية أنه لما تم لأبي بكر ما تم وبايعه من بايع جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يسوي قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمسحاة في يده فقال له: إن القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة للأنصار لاختلافهم، وبدر الطلقاء بالعقد للرجل خوفا من إدراككم الامر فوضع طرف المسحاة على الأرض ويده عليها ثم قال: " بسم الله الرحمن الرحيم * ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين