ابن حصن الفزاري وذووهم من المؤلفة قلوبهم، فوجدوا النبي (صلى الله عليه وآله) قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين فحقروهم، فقالوا: يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك حتى نخلو بك، فإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن يرونا مع هؤلاء الأعبد، ثم إذا انصرفنا فإن شئت فأعدهم إلى مجلسك، فأجابهم النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك، فقالا له: اكتب لنا بهذا على نفسك كتابا، فدعا بصحيفة وأحضر عليا (عليه السلام) ليكتب، قال: ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبرئيل (عليه السلام) بقوله: " ولا تطرد الذين يدعون " إلى قوله: " أليس الله بأعلم بالشاكرين " فنحى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصحيفة، وأقبل علينا ودنونا منه وهو يقول: كتب ربكم على نفسه الرحمة، فكنا نقعد معه، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله: " واصبر نفسك مع الذين " الآية، قال: فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقعد معنا ويدنوا حتى كادت ركبتنا تمس ركبته، فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم وقال لنا: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمتي معكم المحيا، ومعكم الممات (1).
قوله تعالى: " ما عليك من حسابهم من شئ " قال البيضاوي: أي ليس عليك حساب إيمانهم، فلعل إيمانهم عند الله كان أعظم من إيمان من تطردهم بسؤالهم طمعا في إيمانهم لو آمنوا، وليس عليك اعتبار بواطنهم، وقيل: ما عليك من حساب رزقهم، أي من فقرهم، وقيل: الضمير للمشركين، أي لا تؤاخذ بحسابهم ولاهم بحسابك حتى يهمك إيمانهم بحيث تطرد المؤمنين طمعا فيه " وكذلك فتنا بعضهم ببعض " أي ومثل ذلك الفتن، وهو اختلاف أحوال الناس في أمر الدنيا " فتنا " أي ابتلينا بعضهم ببعض في أمر الدين فقدمنا هؤلاء الضعفاء على أشراف قريش بالسبق إلى الايمان (2).
وقال الطبرسي في قوله تعالى: " وإذا جاءك الذين يؤمنون " اختلف فيمن