رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: إنا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديثو عهد بجاهلية وشرك، فاعف عنا عفا الله عنك فسكن غضبه، فقال: أما والذي نفسي بيده لقد صورت لي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير والشر عن الزهري وقتادة عن أنس، وقيل: كان قوم يسألون رسول الله (صلى الله عليه وآله) استهزاء مرة، وامتحانا مرة، فيقول له بعضهم: من أبي؟ ويقول الآخر: أين أبي؟ ويقول الآخر إذا ضلت ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية عن ابن عباس، وقيل:
خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " إن الله كتب عليكم الحج " فقام عكاشة بن محصن ويروى سراقة بن مالك فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ويحك وما يؤمنك أن أقول: نعم؟ والله ولو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، ولو تركتم كفرتم، فاتركوني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه " عن علي ابن أبي طالب (عليه السلام) وأبي أمامة الباهلي، وقيل: نزلت حين سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي عن مجاهد (1).
وفي قوله: " قد سألها قوم من قبلكم " فيه أقوال: أحدها أنهم قوم عيسى (عليه السلام) سألوه إنزال المائدة ثم كفروا بها عن ابن عباس.
وثانيها: أنهم قوم صالح، وثالثها: قريش حين سألوا النبي (صلى الله عليه وآله) أن يحول الصفا ذهبا، ورابعا: أنهم كانوا سألوا النبي (صلى الله عليه وآله) عن مثل هذه الأشياء، يعني من أبي؟ ونحوه، فلما أخبرهم بذلك قالوا: ليس الامر كذلك فكفروا به فيكون على هذا نهيا عن سؤال النبي (صلى الله عليه وآله) عن أنساب الجاهلية، لأنهم لو سألوا عنها ربما ظهر الامر فيها على خلاف حكمهم، فيحملهم ذلك على تكذيبه، عن الجبائي (2).
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " شهادة بينكم " سبب نزول هذه الآية أن ثلاثة نفر خرجوا من المدينة تجارا إلى الشام: تميم بن أوس الداري، وأخوه