رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكانوا يظهرون الايمان بحضرتهم، ثم يقولون: قد عرضت لنا شبهة في أمره ونبوته، فيظهرون الكفر، ثم يظهرون الايمان، ثم يقولون: عرضت لنا شبهة أخرى فيكفرون، ثم ازدادوا الكفر عليه إلى الموت، عن الحسن، وذلك معنى قوله تعالى: " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي انزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون (1) ".
ورابعها: أن المراد به المنافقون آمنوا، ثم ارتدوا، ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم ماتوا على كفرهم، عن مجاهد وابن زيد، وقال ابن عباس: دخل في هذه الآية كل منافق كان في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) في البحر والبر (2).
قوله: " الذين يتربصون بكم " قال البيضاوي: أي ينتظرون وقوع أمر بكم " ألم نكن معكم " مظاهرين لكم فأسهموا لنا فيما غنمتم، أي (3) نصيب من الحرب " قالوا " أي للكفرة: " ألم نستحوذ عليكم " ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم " ونمنعكم من المؤمنين " بأن أخذلناهم (4) بتخييل ما ضعفت به قلوبهم و توانينا في مظاهرتهم فأشركونا فيما أصبتم (5).
قوله تعالى: " يا أيها الرسول لا يحزنك " قال الطبرسي رحمه الله: قال الباقر (عليه السلام) وجماعة من المفسرين: إن امرأة من خيبر ذات شرف بينهم زنت مع رجل من أشرافهم وهما محصنان، فكرهوا رجمهما فأرسلوا إلى يهود المدينة وكتبوا لهم أن يسألوا النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك طمعا في أن يأتي لهم برخصة، فانطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وشعبة بن عمرو ومالك بن الضيف (6) وكنانة ابن أبي الحقيق وغيرهم فقالوا: يا محمد أخبرنا عن الزانية والزاني إذا أحصنا ما حدهما؟ فقال: وهل ترضون بقضائي في ذلك؟ قالوا: نعم، فنزل جبرئيل (عليه السلام) بالرجم فأخبرهم بذلك، فأبوا أن يأخذوا به، فقال جبرئيل: اجعل بينك وبينهم