كفار العرب من أن يحيا أهل القبور (1).
وفي قوله تعالى: " يا أيها الذين هادوا " أي سموا يهودا " إن زعمتم أنكم أولياء لله " كما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه " فتمنوا الموت " الذي يوصلكم إليه (2) وقد مر شرحه مرارا، وقال رحمه الله في قوله تعالى: " وإذا رأوا تجارة " قال جابر بن عبد الله: أقبلت عير ونحن نصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الجمعة فانفض الناس إليها، فما بقي غير اثنى عشر رجلا أنا فيهم، فنزلت الآية وقال الحسن و أبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام، والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أن يسبقوا إليه، فلم يبق مع النبي (صلى الله عليه وآله) إلا رهط فنزلت، فقال (صلى الله عليه وآله): " والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوادي نارا " وقال المقاتلان:
بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة بن فروة الكلبي ثم أحد بني الخزرج، ثم أحد بني زيد بن مناة من الشام بتجارة، وكان إذا قدم لم يبق بالمدينة عاتق (3) إلا أتته، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إلى من دقيق أو بر أو غيره، فينزل عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه، فيخرج إليه الناس ليتبايعوا معه، فقدم ذات جمعة و كان ذلك قبل أن يسلم ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قائم على المنبر يخطب فخرج الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلا وامرأة، فقال (صلى الله عليه وآله): " لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء " وأنزل الله هذه الآية، وقيل: لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط، عن الكلبي عن ابن عباس، وقيل: إلا أحد عشر رجلا، عن ابن كيسان وقيل: إنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات في كل يوم مرة لعير تقدم من الشام، وكل ذلك يوافق يوم الجمعة، عن قتادة ومقاتل.
قوله تعالى: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا " اللهو هو الطبل، وقيل: المزامير