نزلت آية التخيير، وقيل: إن النبي خلا في يوم لعايشة مع جاريته أم إبراهيم فوقفت حفصة على ذلك فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تعلمي لعايشة ذلك، وحرم مارية على نفسه، فأعلمت حفصة عايشة بالخبر واستكتمتها (1) إياه، فاطلع الله نبيه على ذلك، وهو قوله: " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا " يعني حفصة عن الزجاج، وقال: ولما حرم مارية القبطية أخبر حفصة أنه يملك من بعده أبو بكر ثم عمر، فعرفها بعض ما أفشت من الخبر، وأعرض عن بعض ان أبا بكر وعمر يملكان من بعدي، وقريب من ذلك ما رواه العياشي بالاسناد عن عبد الله بن عطاء المكي عن أبي جعفر إلا أنه زاد في ذلك: إن كل واحدة منهما حدثت أباها بذلك، فعاتبهما في أمر مارية وما أفشتا عليه من ذلك، وأعرض (2) أن يعاتبهما في الامر الآخر " ما أحل الله لك " من الملاذ " تبتغي " أي تطلب " مرضات أزواجك " وهن أحق بطلب مرضاتك، وليس في هذا دلالة على وقوع ذنب منه صغير أو كبير لان تحريم الرجل بعض نسائه أو بعض الملاذ بسبب أو لغير سبب ليس بقبيح ولا داخل في جملة الذنوب، ولا يمتنع أن يكون خرج هذا القول مخرج التوجع له (صلى الله عليه وآله) إذ بالغ في إرضاء أزواجه، وتحمل في ذلك المشقة، ولو أن إنسانا أرضى بعض نسائه بتطليق بعضهن لجاز أن يقال له: لم فعلت ذلك وتحملت فيه المشقة؟ وإن كان لم يفعل قبيحا، ولو قلنا: إنه (صلى الله عليه وآله) عوتب على ذلك لان ترك التحريم كان أفضل من فعله لم يمتنع، لأنه يحسن أن يقال لتارك النفل: لم لم تفعله؟ ولم عدلت عنه؟ ولان تطيب قلوب النساء مما لا تنكره العقول.
واختلف العلماء فيمن قال لامرأته: أنت علي حرام (3) وقال أصحابنا: إنه لا يلزم به شئ، ووجوده كعدمه، وإنما أوجب الله فيه الكفارة، لان النبي (صلى الله عليه وآله) كان حلف أنه لا يقرب جاريته، أو لا يشرب الشراب المذكور فأوجب الله عليه أن يكفر عن يمينه ويعود إلى استباحة ما كان حرمه، وبين أن