يعود، ثم أذن للنساء فدخلن عليه، فقال لابنته: ادني مني يا فاطمة، فأكبت عليه فناجاه فرفعت رأسها وعيناها تهملان دموعا، فقال لها: ادني مني، فدنت منه فأكبت عليه فناجاها فرفعت رأسها وهي تضحك، فتعجبنا لما رأينا، فسألناها فأخبرتنا أنه نعى إليها نفسه فبكت، فقال: يا بنية لا تجزعي، فإني سألت ربي أن يجعلك أول أهل بيتي لحاقا بي، فأخبرني أنه قد استجاب لي، فضحكت.
قال: ثم دعا النبي (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين (عليهما السلام) فقبلهما وشمهما وجعل يترشفهما وعيناه تهملان.
وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهم السلام) قال: أتى جبرئيل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعوده فقال: السلام عليك يا محمد هذا آخر يوم أهبط فيه إلى الدنيا.
وعن عطاء بن يسار أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما حضر أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال:
يا محمد الآن أصعد إلى السماء، ولا أنزل إلى الأرض أبدا.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما حضرت النبي الوفاة استأذن عليه رجل فخرج إليه علي (عليه السلام) فقال: حاجتك؟ قال: أردت (1) الدخول إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال علي: لست تصل إليه، فما حاجتك؟ فقال الرجل: إنه لابد من الدخول عليه، فدخل علي فاستأذن النبي (عليهما السلام)، فأذن له، فدخل وجلس عند رأس رسول الله ثم قال: يا نبي الله إني رسول الله إليك، قال: وأي رسل الله أنت؟ قال: أنا ملك الموت، أرسلني إليك يخيرك (2) بين لقائه والرجوع إلى الدنيا، فقال له النبي: فأمهلني حتى ينزل جبرئيل فأستشيره، ونزل جبرئيل فقال: يا رسول الله الآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى لقاء الله خير لك، فقال (عليه السلام): لقاء ربي خير لي، فامض لما أمرت به، فقال جبرئيل لملك الموت: لا تعجل حتى أعرج إلى ربي وأهبط، قال ملك الموت