أن لا أصيب بسيفي أبا قبيس إلا قددته نصفين، فضلا عنكم، فتركوه فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأما ياسر وأم عمار فقتلا في دين الله (1) وصبرا.
وأما عمار فكان أبو جهل يعذبه فضيق الله عليه خاتمه في إصبعه حتى أصرعه وأذله، وثقل عليه وقميصه (2) حتى صار أثقل من بدنات حديد، قال لعمار:
خلصني مما أنا فيه، فما هو إلا من عمل صاحبك، فخلع خاتمه من إصبعه وقميصه من بدنه، وقال ألبسه ولا أراك بمكة يعيها (3) علي، فانصرف إلى محمد، فقيل لعمار ما بال خباب نجا بتلك الآية وأبوك أسلما للعذاب حتى قتلا؟ قال عمار: ذاك حكم من أنقذ إبراهيم من النار، وامتحن بالقتل يحيى وزكريا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت من كبار الفقهاء يا عمار، فقال عمار: حسبي يا رسول الله من العلم معرفتي بأنك رسول رب العالمين، وسيد الخلق أجمعين، وأن أخاك عليا وصيك وخليفتك وخير من تخلفه بعدك، وأن القول الحق قولك وقوله والفعل الحق فعلك وفعله، وأن الله عز وجل ما وفقني لمولاتكما ومعاداة أعدائكما إلا وقد أراد أن يجعلني معكما في الدنيا والآخرة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
هو كما قلت يا عمار، ان الله تعالى يؤيد بك الدين، ويقطع بك معاذير الغافلين ويوضح بك عن عناد المعاندين إذا قتلتك الفئة الباغية على المحقين، ثم قال له:
يا عمار بالعلم نلت ما نلت من هذا الفضل، فازدد منه تزدد فضلا، فإن العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عز وجل من فوق العرش: مرحبا يا عبدي أتدري أي منزلة تطلب؟ وأية درجة تروم تضاهي ملائكتي المقربين لتكون لهم قرينا لأبلغنك مرادك ولأوصلنك بحاجتك (4).