سبحانه " فلا وربك لا يؤمنون (1) " الآية، قال: وكان هذا قبل أن يؤمر النبي (صلى الله عليه وآله) بقتال أهل الكتاب، ثم نسخ وامر بقتال أهل الكتاب في السورة براءة عن السدي، وهكذا قال ابن مسعود ابن زيد: إنها منسوخة بآية السيف، وقال الباقون: هي محكمة (2).
قوله تعالى: " كيف يهدي الله " قيل: نزلت الآيات في رجل من الأنصار يقال له الحارث ابن (3) سويد بن الصامت وكان قتل المحذر بن زياد البلوي غدرا وهرب وارتد عن الاسلام، ولحق بمكة ثم ندم فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) هل من توبة؟ قالوا: فنزلت الآيات إلى قوله: " إلا الذين تابوا " فحملها إليه رجل من قومه فقال: إني لاعلم أنك لصدوق، وأن رسول الله لأصدق منك، وأن الله تعالى أصدق الثلاثة، ورجع إلى المدينة وتاب وحسن إسلامه عن مجاهد والسدي، وهو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقيل نزلت في أهل الكتاب الذين كانوا يؤمنون بالنبي (صلى الله عليه وآله) قبل مبعثه ثم كفروا بعد البعث حسدا وبغيا عن الحسن والجبائي وأبي مسلم (4).
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " إن الذين كفروا بعد إيمانهم " قيل: نزلت في أهل الكتاب الذين آمنوا برسول الله قبل مبعثه، ثم كفروا به بعد مبعثه عن الحسن، وقيل: نزلت في اليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد إيمانهم بأنبيائهم و كتبهم، ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد (صلى الله عليه وآله) والقرآن عن قتادة وعطا، وقيل:
نزلت في الأحد عشر من أصحاب الحارث ابن سويد لما رجع الحارث قالوا: نقيم بمكة على الكفر ما بدا لنا، فمتى ما أردنا الرجعة رجعنا، فنزلت فينا ما نزلت في الحارث، فلما فتح (5) رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة دخل في الاسلام من دخل منهم فقبلت توبته فنزل فيمن مات منهم كافرا: " إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار " الآية.