ابن صوريا، وصفه له (1) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): هل تعرفون شابا أمرد أبيض أعور سكن فدك (2) يقال له: ابن صوريا؟ قالوا: نعم، قال: فأي رجل هو فيكم؟ قالوا:
أعلم يهودي على وجه الأرض (3) بما أنزل الله على موسى، قال: فأرسلوا إليه ففعلوا فأتاهم عبد الله بن صوريا فقال له النبي: إني أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى، وفلق لكم البحر فأنجاكم، وأغرق آل فرعون وظلل عليكم الغمام، وأنزل عليكم المن والسلوى، هل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن؟ قال ابن صوريا: نعم والذي ذكرتني به، لولا خشية أن يحرقني رب التوراة أن كذبت أو غيرت ما اعترفت لك، ولكن أخبرني كيف هي في كتابك يا محمد؟ قال: إذا شهد أربعة رهط عدول أنه قد أدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم، فقال ابن صوريا: هكذا أنزل الله في التوراة على موسى، فقال له النبي: فماذا كان أول ما ترخصتم به أمر الله؟ قال: كنا إذا زنى الشريف تركناه، وإذا زنى الضعيف أقمنا عليه الحد، فكثر الزنى في أشرافنا حتى زنى ابن عم ملك لنا فلم نرجمه، ثم زنى رجل آخر فأراد رجمه (4) فقال له قومه: لا حتى ترجم فلانا، يعنون ابن عمه، فقلنا: تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم يكون على الشريف والوضيع، فوضعنا الجلد والتحميم، وهو أن يجلدا أربعين جلدة ثم يسود وجوههما، ثم يحملان على حمارين ويجعل وجوههما من قبل دبر الحمار ويطاف بهما، فجعلوا هذا مكان الرجم، فقالت اليهود لابن صوريا:
ما أسرع ما أخبرته به، وما كنت لما أثنينا عليك بأهل، ولكنك كنت غائبا فكر هنا أن نغتابك، فقال: إن أنشدني بالتوراة، ولولا ذلك لما أخبرته به، فأمر بهما النبي (صلى الله عليه وآله) فرجما عند باب مسجده، وقال: أنا أول من أحيي أمرك إذا أماتوه فأنزل الله سبحانه فيه " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير " فقام ابن صوريا فوضع يديه على ركبتي رسول