فيها إلا قليلا " أي لا يساكنونك في المدينة إلا يسيرا. انتهى كلام الطبرسي رحمه الله (1).
وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب تنزيه الأنبياء (عليهم السلام): فإن قيل:
فما تأويل قوله تعالى: " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه " الآية، أوليس هذا عتابا له (صلى الله عليه وآله) من حيث أضمر ما كان ينبغي أن يظهره، وراقب من لا يجب أن يراقبه؟
فما الوجه في ذلك؟
قلنا: وجه هذه الآية معروف، وهو أن الله تعالى لما أراد نسخ ما كانت عليه الجاهلية من تحريم نكاح زوجة الدعي والدعي هو الذي كان أحدهم يستحبه (2) ويربيه ويضيفه إلى نفسه على طريق النبوة، وكان من عادتهم أن يحرموا على نفوسهم (3) نكاح أزواج أدعيائهم كما يحرمون نكاح أزواج أبنائهم - فأوحى الله تعالى إلى نبيه أن زيد بن حارثة وهو دعي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيأتيه مطلقا زوجته وأمره أن يتزوجها بعد فراق زيد لها، ليكون ذلك ناسخا لسنة الجاهلية التي تقدم ذكرها، فلما حضر زيد مخاصما زوجته عازما على طلاقها أشفق الرسول الله (صلى الله عليه وآله) من أن يمسك عن وعظه وتذكيره، لا سيما وقد كان ينصرف (4) على أمره وتدبيره فيرجف المنافقون به (صلى الله عليه وآله) إذا تزوج المرأة ويقرفوه بما قد نزهه الله تعالى عنه فقال له: أمسك عليك زوجك تبرئا مما ذكرناه وتنزها، وأخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعد طلاقه لها، لينتهي إلى أمر الله تعالى فيها، ويشهد لصحة هذا التأويل قوله تعالى: " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " فدل على أن العلة في أمره بنكاحها ما ذكرناه من نسخ السنة المتقدمة.
فإن قيل: العتاب باق على حاله: لأنه قد كان ينبغي أن يظهر ما أضمره ويخشى الله ولا يخشى الناس.
قلنا: أكثر ما في الآية إذا سلمنا نهاية الاقتراح فيها أن يكون (صلى الله عليه وآله) فعل