إلى ملتمسكم، وأمرني بمباهلتكم إن أقمتم وأصررتم على قولكم، قالا: وذلك آية ما بيننا وبينك، إذا كان غدا باهلناك، ثم قاما وأصحابهما من النصارى معهما فلما أبعدا وقد كانوا نزلوا (1) بالحرة أقبل بعضهم على بعض فقالوا: قد جاءكم هذا بالفصل من أمره وأمركم، فانظروا أولا بمن يباهلكم، أبكافة أتباعه أم بأهل الكتابة (2) من أصحابه، أو بذوي التخشع والتمسكن (3) والصفوة دينا وهم القليل منهم عددا، فإن جاءكم بالكثرة وذوي الشدة منهم فإنما جاءكم مباهيا كما يصنع الملوك، فالفلج إذا لكم دونه، وإن أتاكم بنفر قليل ذوي تخشع فهؤلاء سجية (4) الأنبياء وصفوتهم وموضع بهلتهم فإياكم والاقدام إذا على مباهلتهم، فهذه لكم أمارة، وانظروا حينئذ ما تصنعون بينكم وبينه (5)، فقد أعذر من أنذر، فأمر صلى الله عليه وآله بشجرتين فقصدتا وكسح ما بينهما، وأمهل حتى إذا كان من الغد أمر بكساء أسود رقيق فنشر على الشجرتين، فلما أبصر السيد والعاقب ذلك خرجا بولديهما صبغة المحسن وعبد المنعم وسارة ومريم، وخرج معهما نصارى نجران، وركب فرسان بني الحارث بن كعب في أحسن هيئة، وأقبل الناس من أهل المدينة من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الناس في قبائلهم وشعارهم من راياتهم وألويتهم وأحسن شارتهم (6) وهيئتهم لينظروا ما يكون من الامر، ولبث رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرته حتى متع النهار، ثم خرج آخذا بيد علي، والحسن والحسين أمامه وفاطمة عليهم السلام من خلفهم، فأقبل بهم حتى أتى الشجرتين فوقف بينهما (7) من تحت الكساء على مثل الهيئة التي خرج بها من حجرته، فأرسل إليهما يدعوهما إلى ما دعواه إليه من المباهلة، فأقبلا إليه فقالا: بمن تباهلنا يا أبا القاسم؟ قال: بخير أهل الأرض وأكرمهم على الله عز وجل، بهؤلاء، وأشار لهما إلى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم، قالا: فما نراك جئت لمباهلتنا بالكبر ولا من
(٣٢١)