النبي المرسل من ربه عز وجل، وأقول: إنه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قالوا: وهل تستطيع العبيد أن تفعل (1) ما كان يفعل؟
وهل جاءت الأنبياء بما جاء به من القدرة القاهرة؟ ألم يكن يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، وينبئهم بما يكنون في صدورهم، وما يدخرون في بيوتهم؟
فهل يستطيع هذا إلا الله عز وجل، أو ابن الله؟ وقالوا في الغلو فيه وأكثروا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فقال صلى الله عليه وآله: قد كان عيسى أخي كما قلتم يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخبر قومه بما في نفوسهم وبما يدخرون في بيوتهم، وكل ذلك بإذن الله عز وجل، وهو لله عز وجل عبد، وذلك عليه غير عار، وهو منه غير مستنكف، فقد كان لحما ودما وشعرا وعظما وعصبا وأمشاجا يأكل الطعام ويظمأ وينصب والله (2) بأربه، وربه الاحد الحق الذي ليس كمثله شئ، وليس له ند، قالوا: فأرنا مثله (3) جاء من غير فحل ولا أب، قال: هذا آدم عليه السلام أعجب منه خلقا "، جاء من غير أب ولا أم، وليس شئ من الخلق بأهون على الله عز وجل في قدرته من شئ ولا أصعب، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له:
كن، فيكون، وتلا عليهم: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (4) " قالا: فما نزداد منك في أمر صاحبنا إلا تباينا، وهذا الامر الذي لا نقره لك، فهلم فلنلاعنك أينا أولى بالحق فنجعل لعنة الله على الكاذبين فإنها مثلة وآية معجلة، فأنزل الله عز وجل آية المباهلة على رسول الله صلى الله عليه وآله:
" فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناؤكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين (5) " فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما نزل عليه في ذلك من القرآن فقال: إن الله قد أمرني أن أصير