عليهم إبراهيم عليه السلام فقال: رب صلى على محمد وآل محمد، كما اجتبيتهم وأخلصتهم إخلاصا، فأوحى عز وجل ليهنئك (1) كرامتي وفضلي عليك، فإني صائر بسلالة محمد ومن اصطفيت معه منهم إلى قناة صلبك، ومخرجهم منك، ثم من بكرك إسماعيل عليه السلام، فأبشر يا إبراهيم فإني واصل صلواتك بصلواتهم، ومتبع ذلك بركاتي وترحمي عليك وعليهم، وجاعل حناني (2) وحجتي إلى الأمد المعدود واليوم الموعود الذي أرث فيه سمائي وأرضي، وأبعث له خلقي بفصل قضائي (3) و إفاضة رحمتي وعدلي.
قال: فلما سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ما أفضى إليه القوم من تلاوة ما تضمنت الجامعة والصحف الدارسة من نعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصفة أهل بيته المذكورين معه بما هم به منه وبما شاهدوا من مكانتهم عنده ازداد القوم بذلك يقينا وإيمانا، و استطيروا له فرحا.
قال: ثم صار القوم إلى ما نزل على موسى عليه السلام فألفوا في السفر الثاني من التوراة: إني باعث في الأميين من ولد إسماعيل رسولا أنزل عليه كتابي وأبعثه بالشريعة القيمة إلى جميع خلقي، أوتيه حكمتي، وأؤيده بملائكتي (4) وجنودي تكون ذريته من ابنة له مباركة باركتها، ثم من شبلين لها كإسماعيل وإسحاق أصلين لشعبين عظيمين (5) أكثرهم جدا جدا، يكون منهم اثنا عشر قيما، أكمل بمحمد صلى الله عليه وآله وبما أرسله به من بلاغ وحكمة ديني وأختم به أنبيائي ورسلي، فعلى محمد وأمته تقوم الساعة.
فقال حارثة: الآن أسفر الصبح لذي عينين، ووضح الحق لمن رضي به دينا فهل في أنفسكما من مرض تستشفيان به؟ فلم يرجعا إليه قولا.