الكثر ولا أهل الشارة ممن نرى ممن آمن بك واتبعك، وما نرى هيهنا معك إلا هذا الشاب والمرأة والصبيين، أفبهؤلاء تباهلنا؟ قال: نعم أولم أخبركم بذلك آنفا؟ نعم، بهؤلاء أمرت والذي بعثني بالحق أن أباهلكم، فاصفارت حينئذ ألوانهما وكرا (1) وعادا إلى أصحابهما وموقفهما، فلما رأى أصحابهما ما بهما وما دخلهما قالوا: ما خطبكما؟ فتماسكا وقالا: ما كان ثم (2) من خطب فنخبركم، و أقبل عليهم شاب كان من خيارهم قد أوتي فيهم علما، فقال: ويحكم لا تفعلوا اذكروا ما عثرتم عليه في الجامعة من صفته (3)، فوالله إنكم لتعلمون حق العلم إنه لصادق (4)، وإنما عهدكم بإخوانكم حديث، قد مسخوا قردة وخنازير فعلموا أنه قد نصح لهم فأمسكوا، قال: وكان للمنذر بن علقمة (5) أخي أسقفهم أبي حارثة حظ من العلم فيهم يعرفونه له، وكان نازحا عن نجران في وقت تنازعهم فقدم وقد اجتمع القوم على الرحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فشخص معهم، فلما رأى المنذر انتشار أمر القوم يومئذ وترددهم في رأيهم أخذ بيد السيد والعاقب وأقبل على أصحابه فقال: اخلوني وهذين، فاعتزل بهما ثم أقبل عليهما فقال: إن الرائد لا يكذب أهله، وأنا لكما حق نصيح، وعليكما جد شفيق (6)، فإن نظرتما لأنفسكما نجيتما (7)، وإن تركتما ذلك هلكتما وأهلكتما، قالا: أنت الناصح جيبا المأمون عيبا فهات، قال: أتعلمان أنه ما باهل قوم نبيا قط إلا كان مهلكهم كلمح البصر؟ وقد علمتما وكل ذي أرب من ورثة الكتب معكما أن محمدا أبا القاسم هذا هو الرسول الذي بشرت به الأنبياء عليهم السلام، وأفصحت بنعته وأهل بيته الامناء (8)
(٣٢٢)