فقال أبو حارثة: اعتبروا الامارة الخاتمة من قول سيدكم المسيح عليه السلام، فصار القوم (1) إلى الكتب والأناجيل التي جاء بها عيسى صلى الله عليه فألفوا في المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح عليه السلام: يا عيسى يا بن الطاهر البتول (2) اسمع قولي، وجد في أمري، إني خلقتك من غير فحل، وجعلتك آية للعالمين، فإياي فاعبد، و علي فتوكل، وخذ الكتاب بقوة ثم فسره لأهل سوريا، وأخبرهم أني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم، الذي لا أحول ولا أزول، فآمنوا بي وبرسولي النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان نبي الرحمة، والملحمة الأول والآخر، قال (3):
أول النبيين خلقا، وأخرهم مبعثا، ذلك العاقب الحاشر، فبشر به بني إسرائيل قال عيسى عليه السلام: يا مالك الدهور، وعلام الغيوب، من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟ قال: ذاك خالصتي ورسولي المجاهد بيده في سبيلي يوافق (4) قوله فعله، وسريرته علانيته، أنزل عليه توراة (5) حديثة أفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فيها ينابيع العلم، وفهم الحكمة وربيع القلوب وطوباه وطوبى أمته، قال: رب ما اسمه وعلامته؟ وما أكل أمته؟ - يقول: ملك أمته (6) - وهل له من بقية؟ يعني ذرية، قال: سأنبئك بما سألت، اسمه أحمد منتخب (7) من ذرية إبراهيم، ومصطفى من سلالة إسماعيل، ذو الوجه الأقمر، و الجبين الأزهر، راكب الجمل، تنام عيناه ولا ينام قلبه يبعثه الله في أمة أمية ما بقي الليل والنهار، مولده في بلد أبيه إسماعيل يعني مكة، كثير الأزواج، قليل الأولاد نسله من مباركة صديقة يكون له منها ابنة لها فرخان سيدان يستشهدان، أجعل نسل أحمد منهما، فطوباهما ولمن أحبهما وشهد أيامهما فنصر هما، قال عيسى عليه السلام:
إلهي وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة ساقها وأغصانها من ذهب، ورقها حلل، وحملها