وأخرى أنذركما بها فلا تعشوا عنها، قالا: وما هي يا أبا المثنى؟ قال: انظرا إلى النجم قد استطلع (1) على الأرض. وإلى خشوع الشجر، وتساقط الطير بإزائكما لوجوهها (2)، قد نشرت على الأرض أجنحتها، وقاءت (3) ما في حواصلها، وما عليها لله عز وجل من تبعة، ليس ذلك إلا لما قد أظل من العذاب، وانظرا إلى اقشعرار الجبال (4)، وإلى الدخان المنتشر (5)، وقزع السحاب، هذا ونحن في حمارة القيظ، وإبان الهجير، وانظرا إلى محمد صلى الله عليه وآله رافعا يده والأربعة من أهله معه إنما ينتظر ما تجيبان (6) به، ثم اعلموا أنه إن نطق فوه بكلمة من بهلة لم نتدارك هلاكا، ولم نرجع إلى أهل ولا مال، فنظرا فأبصرا أمرا عظيما فأيقنا أنه الحق من الله عز وجل فزلزلت أقدامهما، وكادت أن تطيش عقولهما، واستشعرا أن العذاب واقع بهما، فلما أبصر المنذر بن علقمة ما قد لقيا من الخيفة والرهبة قال لهما: إنكما إن أسلمت ماله سلمتما في عاجلة وآجلة (7)، وإن آثرتما دينكما وغضارة أيكتكما وشححتما بمنزلتكما (8) من الشرف في قومكما فلست أحجر عليكما الضن (9) بما نلتما من ذلك، ولكنكما بدهتما محمدا صلى الله عليه وآله يتطلب (10) المباهلة له وجعلتماها حجازا وآية بينكما وبينه، وشخصتما من نجران وذلك من بالكما (11) فأسرع محمد صلى الله عليه اله إلى ما بغيتما منه، والأنبياء إذا أظهرت (12) بأمر لم ترجع إلا بقضائه وفعله، فإذ نكلتما عن ذلك وأذهلتكما مخافة ما تريان فالحظ في النكول
(٣٢٣)