تذهل الحلائل عن أولادها، أو نشرق نحن ومحمد (1) بدمائنا، ثم يديل الله عز وجل بنصره من يشاء، قال له السيد: أربع على نفسك وعلينا أبا سبرة!، فإن سل السيف يسل السيوف. وإن محمدا قد بخعت له العرب وأعطته طاعتها، وملك رجالها وأعنتها، وجرت أحكامه في أهل الوبر منهم والمدر، ورمقه الملكان العظيمان كسرى وقيصر، فلا أراكم والروح لو نهد لكم إلا وقد تصدع عنكم من حف معكم من هذه القبايل، فصرتم جفاء كأمس الذاهب، أو كلحم على وضم، وكان فيهم رجل يقال له: جهير بن سراقة البارقي من زنادقة نصارى العرب، وكان له منزلة من ملوك النصرانية، وكان مثواه بنجران، فقال له أبا سعاد (2): قل في أمرنا وأنجدنا (3) برأيك، فهذا مجلس له ما بعده، فقال: فإني أرى لكم أن تقاربوا محمدا وتطيعوه في بعض ملتمسه عندكم، ولينطلق وفودكم إلى ملوك أهل ملتكم، إلى الملك الأكبر بالروم قيصر، وإلى ملوك هذه الجلدة السوداء الخمسة، يعنى ملوك السودان:
ملك النوبة، وملك الحبشة، وملك علوه (4) وملك الرعاوة (5)، وملك الراحات (6) ومريس والقبط، وكل هؤلاء كانوا نصارى، قال: وكذلك من ضوي إلى الشام وحل بها من ملوك غسان ولخم وجذام وقضاعة وغيرهم من ذوي يمنكم، فهم لكم عشيرة وموالي وأعوان، وفي الدين إخوان، يعني أنهم نصارى، وكذلك نصارى الحيرة من العباد وغيرهم فقد صبت (7) إلى دينهم قبائل تغلب بنت (8) وائل وغيرهم من ربيعة بن نزار، لتسر وفودكم، ثم لتخرق إليهم البلاد أغذاذا فيستصرخونهم لدينكم، فستنجدكم الروم وتسير إليكم الأساودة مسير أصحاب الفيل، وتقبل