أمما حتى يعود الدين به كما بدأ ويقر الله عز وجل سلطانه في عبده، ثم في الصالحين من عقبه، وينشر منه حتى يبلغ ملكه منقطع التراب، قال حارثة: قد أشدتما (1) بهذه المأثرة لأحمد صلى الله عليه وآله وكررتما بها القول، وهي حق لا وحشة مع الحق، ولا انس في غيره فمه؟ قال السيد: فإن من الحق أن لاحظ في هذه الأكرومة لأبتر، قال حارثة: إنه لكذلك، وليس بمحمد صلى الله عليه وآله (2)؟ قال السيد إنك ما عملت (3) إلا لدا، ألم يخبرنا سفرنا وأصحابنا فيما تجسسنا من خبره أن ولديه الذكرين القرشية والقبطية بادا يعني هلكا، وغودر محمد كفرن الأعضب مؤف على ضريحة فلو كان بقية لكان لك بذلك مقالا إذا وليت (4) أبناؤه الذي تذكر (5) قال حارثة: العبر لعمرو الله كثيرة والاعتبار بها قليل، والدليل مؤف (6) على سنن السبيل إن لم يعش (7) عنه ناظر، وكما أن الابصار الرمدة لا تستطيع النظر في قرص الشمس لسقمها فكذلك البصائر القصيرة لا تتعلق بنور الحكمة لعجزها، ألا ومن كان كذلك فلستماه - وأشار إلى السيد والعاقب - إنكما ويمين الله لمحجوجان بما آتاكما الله عز وجل من ميراث الحكمة، واستودعكما من بقايا الحجة، ثم بما أوجب لكما من الشرف والمنزلة في الناس، فقد جعل الله عز وجل من آتاه (8) سلطانا ملوكا للناس وأربابا، وجعلكما حكما (9) وقواما على ملوك (10) ملتنا، وذادة لهم يفزعون إليكما في دينهم، ولا تفزعان إليهم، وتأمرانهم فيأتمرون (11) لكما، وحق لكل ملك أو موطئ الأكناف (12) أن يتواضع لله عز وجل إذا رفعه
(٣٠٤)