الإمامة مظهرا للأشرف وهو العقل، وحاكمة في الباطن، فظهر من هذا الكلام خروجهم عن الاسلام.
احتجوا بأن إسماعيل هو الأكبر ويجب النص على الأكبر، قلنا: الأكبرية لا توجب الإمامة كما لا توجب النبوة ولو سلم فإنما ذلك لو بقي الأكبر بعد أبيه، و إسماعيل مات في حياة أبيه، فالنص عليه من الله أو من أبيه عبث وسفه وكذب، ولم يرو؟ أحد عن أبيه نصا فيه وأما ادعوه منه فكذب عليه.
إن قيل: إمامته لا يبطلها موته قبل أبيه، كما أن خلافة هارون عندكم لم يبطلها موته قبل أخيه قلنا: الكلام في خليفته الذي أوصى إليه القيام بعد موته، فلو كان لا خليفة له في البرية، دخل في الموتة الجاهلية، ولهذا أوصى موسى إلى يوشع بعد موت أخيه.
احتجوا بقول أبيه: ما بدا لله في شئ كما بدا في إسماعيل قلنا: فلا يقع منه البداء في الإمامة، وقد روي عنهم عليهم السلام مهما بدا لله فلا يبدو في نقل نبي عن نبوته ولا إمام عن إمامته، ولا مؤمن قد أخذ الله عهده بالإيمان عن إيمانه.
والبداء الذي ذكره عليه السلام في ابنه هو القتل فقد روي عنه أنه قال: إن الله كتب القتل على ابني إسماعيل مرتين فسألته فيه فعفى عنه، فما بدا له في شئ كما بدا له في إسماعيل. وإذا بطلت إمامته بطلت إمامة ابنه محمد كما قيل فيه، فإن المتفرع على الفاسد فاسد.
ومنهم من زعم أن الصادق عليه السلام بعد موت إسماعيل نص على ابنه محمد بن إسماعيل، بناء على أن القياس يقتضي نقلها من إسماعيل إلى ابنه إذ هو أحق الناس به قلنا: قد أبطلنا النص على إسماعيل ولو سلم فالإمامة ليست بالمواريث، وإلا لاشترك وراث الإمام جميعهم فيها، وإنما هي تابعة لصفات مخصوصة، ومصلحة معلومة.
وأما القائلون بإمامة محمد بن جعفر الصادق عليه السلام فشذاذ جدا، وقد انقرضوا احتجوا بأن أباه مسح التراب عن وجهه، وضمه إلى صدره، وحكى عن أبيه الباقر أنه سيولد لك ولد يشبهني فسمه باسمي فإنه على سنة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله.