قالوا: الطاعة بموافقة الأمر والمعصية بمخالفته لا بموافقة الإرادة ومخالفتها قال الله تعالى (أفعصيت أمري (1)) ولم يقل إرادتي (لا يعصون الله ما أمرهم (2) ولم يقل فيما أراد منهم فلا لوم على معاقبة العاصي وإن وافقت المعصية إرادته.
قلنا: الأمر والإرادة متلازمان والمخالف فيه مكابر، وقد قال تعالى: (ولا يرضى لعباده الكفر (3) ولو كان مريدا له كان راضيا به لاتحادهما ضرورة، فإذا تلازم الأمر والإرادة لم يبق فرق بين ذكرها في العصيان وذكره وسؤال التعيين ساقط عند المحصلين وقد قال الله تعالى: (ولا يريد بكم العسر (4) وأي عسر أكبر من القهر على المعصية ورفع التمكين منها ثم يعاقبه عليها؟ ولو أمر الله بما لا يريد لكان عابثا، تعالى عن ذلك.
قالوا: أمر إبراهيم بذبح ولده ولم يرده لعلمه أولا بعدم وقوعه.
قلنا: قد ذهب أكثر المحققين إلى وقوعه وأن الله تعالى كان يوصل الأعضاء بعد قطعها وذهب جماعة إلى أنه أمر بمقدمات الذبح لا بالذبح فأضجعه وغلب على ظنه أنه سيؤمر بالذبح.
قالوا: قد وقع من الله أنواع الآلام بغير المستحق كالأطفال والأولياء وغير ذلك من الموت ومصائب الدنيا ولم ينسب إليه ظلم في شئ منه فكيف ينسب إليه الظلم فيما يريده وهو يكتسب لغيره؟.
قلنا: الآلام المذكورة علم فيها مصلحة واختبارا وضمن في مقابلتها عوضا يختارونه عليها فخرجت بهذين عن كونها ظلما وعبثا بخلاف الصادرة منا فبطل قياس المنافق لعدم الجامع وحصول الفارق.