قالوا: جايز للمالك أن يشقى أحد عبديه في المعاش ابتداء ويريح الآخر ولا يكون بذلك ظالما قلنا: لا قياس، لأن كلامنا في قتله بغير سيئة والإنعام على الآخر بغير حسنة.
قالوا: لو أذن السلطان لرعيته بقتل واحد فقتله واحد منهم فله قتله ولا يكون ظالما. قلنا: هذا مكابرة، فإن المأمور بقتله إن كان لا لسبب يوجب ظلمه [فظلم] وإلا ظلم قاتله.
قالوا: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، قلنا: كيف يسأل عما يفعل ولا يفعل إلا على وفق الحكمة، بخلاف عباده. ويؤيده (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل (1)) (ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا (2)) وأيضا وهم يسألون عما يفعل أو عما يفعلون فليعتبرها الضالون.
قالوا: لو فعل السلطان فعلا لم يعارض فيه وإن أنكرته الرعية فكيف يعارض الرب فتنكر الخلق عليه. قلنا: لم يعارض السلطان لما يعلم من ظلم أما الرب فنعم لما وصفه لنفسه من عدله، وذكر أنه فولا الارسال إليهم لسألوه عن فعله.
قالوا: الأغلب في الكون وقوع المعاصي وهي من الشيطان، والطاعات نادرة فالأقل من الرحمن؟ بل الحق أن الكل من الملك الديان. قلنا: ذلك ليس على وجه غلبة الضعيف، بل لأن الله تعالى لو ألجأهم إلى تركها لنافى التكليف وقد نطق بوسوسة الشيطان الكتاب المبين في قوله (لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين.
لاحتنكن ذريته إلا قليلا، ولقد أضل منكم جبلا كثيرا (3).
قالوا: (خلق الله إبليس وهو يعلم أنه يعصيه فقد أراد معاصيه قلنا: خلقه للعبادة العائد عليه نفعها فأباها، وفي إيجاده تمييز الخبيث من الطيب باتباعه و امتناعه ولولاه لما فضل بعض البشر على الملائكة بمخالفته فظهرت الحكمة في خلقته.