وفي خبر حرة بنت حليمة مرضعة النبي لما أراد الحجاج هلاكها لتفضيلها عليا على الثلاثة: أنها لما رأت شدة غضبه قالت: إن الله ورسوله فضلاه عليهم بل هو أفضل من آدم ونوح وداود وسليمان وإبراهيم وموسى وعيسى، فاشتد غضبه وطلب منها سبب ذلك، فقالت: (وعصى آدم ربه فغوى (1)) وشكر الله سعي علي في (هل أتى) وامرأة نوح خائنة وزوجة علي فاطمة الطاهرة، وإبراهيم قال:
(ليطمئن قلبي (2)) وعلي قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، موسى خرج خائفا وعلي ليلة المبيت لم ير خائفا، وداود حكم في الغنم وكان الصواب في حكم سليمان كما نطق به القرآن وقال النبي: أعلمكم علي أقضاكم علي، وسليمان طلب ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وعلي يا دنيا اعزبي عني لا حاجة لي فيك وقال الله لعيسى: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله (3)) فاعتذر بقوله: (إن تعذبهم فإنهم عبادك) وعلي لم يعتذر بقتل الخوارج وغيرهم، فتخلى غضبه وأمر لها بألف دينار وجعلها رسما لها في كل سنة.
وفي قضاء العقول: من كان أفضل من رعيته، امتنع أن يستحق أحدهم عظم رتبته، فما ظنك بمن فضل على الأنبياء هل يكون غيره أولى منه بمنازل الأولياء ولما أنكر قوم طالوت ملكه بقولهم: (أنى يكون له الملك علينا (4)) رد الله عليهم بقوله: (إن الله فضله عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم) قال ابن الرومي:
رأيتك عند الله أعظم زلفة * من الأنبياء المصطفين ذوي الرشد وجدت هذا البيت مفردا فأحببت أن أنسج على منواله، وأقتدي به في إفضاله بمقاله، فقلت:
فآدم لما أن عصى زال فضله * وفي هل أتى شكر الإمام على الرفد وامرأتا نوح ولوط فخانتا * ونور الورى عن طهر فاطمة يبدي