السأمة من جملتها، ولان الطاعن في الخبر يمكنه الطعن في رجاله، إلا ما اتفق عليه الفريقان واختص به المخالف من العرفان، أو تلقته الأمة بالقبول، فإن الطاعن لا يمكنه مع الإنصاف أن يحول عنه ولا يزول، إلا أن يعاند الحق وينكر الصدق ولا غرو لمن ميلته الدنيا إلى زخاريفها أن يجحد ما دلت عليه الأخبار ومعارفها، ولذلك أنكر كثير من علماء الجمهور بعد عرفانهم كثيرا من الأمور، فقد ورد في خبر الغدير وأسانيد الطوامير، قال ابن شهرآشوب: قال جدي سمعت الجويني يقول شاهدت مجلدا ببغداد في رواة هذا الخبر مكتوب عليه المجلدة الثامنة والعشرون ويتلوها التاسعة والعشرون) وغير ذلك من الطرق الموضوعة فيه والكتب المبنية عليه، فلما لم يمكنهم الطعن في متنه مالوا لأجل دنياهم إلى تأويله، وأرضوا ملوك الظلمة عن تحصيله، فلذلك أسقط الله شأنهم وسقط عليهم ما شأنهم.
لولا التنافس في الدنيا لما قرئت * كتب الخلاف ولا المغنى ولا العهد موتى الخواطر يفنون الدجى سهرا * يمارسون قياسا ليس يطرد يحللون بزعم منهم عقدا * وبالذي حللوه زادة العقد نعوذ بالله من قوم إذا غضبوا * فاه الضلال وإن حاققتهم حقدوا فائدة سأل معتزلي الشيخ المفيد عن المقلدين من الشيعة، إن كانوا كفارا لم يدخلوا الجنة إلا علماؤهم وهم قليلون جدا، وإن لم يكونوا كفارا ذهبت فائدة ما يبحثون فيه عن الإمامة، فأجاب بأن منهم جماعة كالبوادي والعوام لم يكلفوا النظر الدقيق ولهم على عملهم أعواض يعاقبون على معاصيهم عقابا منقطعا أما من له قوة الاستدلال فمخلد في النار لتقصيره ونمنع قلة علمائنا فإن المعرفة قريبة يوصل إليها بأدنى فكر.