لم يكن قد أجيب دعاء النبي صلى الله عليه وآله لعدم إتيان كل المحبوبين، ولكان إفراد علي من بينهم ترجيحا بلا مرجح، ولأن في قول النبي صلى الله عليه وآله له: ما أبطأك عني؟
دليل على أنه كان ينتظره بعينه دون غيره، ولولا ذلك لم يحب أنس أن يكون رجلا من قوله لما فهم الفضل والشرف بذلك.
قالوا: لا يدل الفضل في الحال على الفضل في الاستقبال. قلنا: لولا ذلك لم يخصم به علي في الشورى معانديه من الرجال، وفي عدم رد ذلك منهم دليل ثبوت الفضل في الاستقبال كالحال، وقد أنشأ الفضلاء في ذلك أشعارهم فمن أبيات للحميري:
وفي طائر جاءت به أم أيمن * بيان لمن بالحق يرضى ويقنع فقال إلهي آت عبدك بالذي * تحب وحب الله أعلى وأرفع وقال الصاحب:
علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به أعداؤه وهي تشهد وقال ابن رزيك:
وفي الطائر المشوي أوفى دلالة * لو استيقظوا من غفلة وسبات وفي رواية أن كلا من عائشة وحفصة قالت: اللهم اجعله أبي وفي بعضها لم يبق في البيت أحد إلا أرسلته إلى أبيها وفي رواية لما قال: أحببت أن يكون رجلا من قومي، قال النبي صلى الله عليه وآله أبى الله إلا أن يكون علي ابن أبي طالب.
قال الطبرسي في احتجاجه: أسند الصادق عليه السلام إلى آبائه عليهم السلام أن عليا قال: جاع النبي فطلب من الله فجاءه جبرائيل عليه السلام بطير قال النبي فقلت: اللهم يسر عبدا يحبك ويحبني يأكل معي، فلم يأت أحد فقلت: ثانية اللهم يسر عبدا يحبك ويحبني وأحبه، فلم يأت أحد، فقلت ثالثة: اللهم يسر عبدا يحبك و تحبه ويحبني وأحبه، فسمعت صوتك، فقلت لعائشة أدخليه أخبرني ما أبطأك عني فقلت: طرقت الباب مرة فقالت عائشة نائم، فانصرفت، وطرقته ثانية فقالت:
على الحاجة، فرجعت وجئت وطرقته ثالثا عنيفا فسمعني النبي فأدخلني وقال:
ما أبطأك عني فقلت هذه ثالثة وتردني عائشة فكلمها فقالت: اشتهيت أن يكون أبي