ولا معنى فيها يوجب ترجيحها، وادعيت النبوة لمسيلمة ولسجاح وهي امرأة فأي معنى رأى فيهما أتباعهما.
قلنا: إنا لم نقل بأفضلية علي لكونه معبودا بل: لما ظهر من أفعاله مما يبهر العقول: ضل فيه لعدم تحقيق النظر الجهول، كما ظهر لعيسى من إحياء الأموات، وإبراء ذوي العاهات، فرأوا العجز عن ذلك في القوة البشرية، فوصفوه لذلك بالإلهية. ولم يعلموا أن الكرامات الدالة على الخلوص من الذنوب، من أكبرها الإجابة من علام الغيوب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله إن لله عبادا أطاعوا الله فأطاعهم يقولون للشئ بأمره كن فيكون، وقد أورد المخالف قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي (لولا أن تقول طائفة فيك ما قالت في عيسى النصارى، لقلت فيك..) الحديث، ولما بهر عقول النساء حسن يوسف العظيم (قلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم (1)).
قال ابن أبي الحديد، في مدحه للسيد المجيد:
تقبلت أفعال الربوبية التي * عذرت بها من شك أنك مربوب وقد قيل في عيسى نظيرك مثله * فخسر لمن عادى علاك وتتبيب وقصده المبالغة في المقال، لا قبول عذر الضال، ولا نسلم عدم المعنى في تلك الأصنام، فإن أكثر المفسرين قالوا: وضعت على صور قوم كرام من الأنام تبركا بشرفهم فلما طالت الأوقات عبدها أولادهم جهلا منهم، وقيل: إنما وجهوا إلى الأصنام العبادات لأنها صور الكواكب المؤثرات فأرادوا تعظيمها لارتباط منافع العالم السفلي بها، واستنادها إليها، فلما تناسلت القرون نسي ذلك في التابعين وصاروا مقلدين، وأيضا لا يلزم من عدم وجود المعنى فيها عدم وجوده في غيرها و المجتمعون على مسيلمة وسجاح طلبوا الدنيا بهما لا لفضل رأوا فيهما، كما جرت عوائد أتباع الظلمة لإحراز الأموال وعلو الكلمة.