وليس ثم علي، فلما كان الغد تطاول إليها أبو بكر وعمر ورجال من قريش رجاء كل واحد منهم أن يكون هو صاحب ذلك، فأرسل رسول الله " ص " سلمة ابن الأكوع إلى علي عليه السلام، فجاءه على بعير له حتى أناخ قريبا من رسول الله (ص) وهو أرمد قد عصب عينيه بشقة برد قطري. قال سلمة: فجئت به أقوده إلى رسول الله، فقال رسول الله: ما لك؟ قال: رمدت. قال: ادن مني.
فدنا منه فتفل في عينيه، فما شكا وجعهما بعد حتى مضى لسبيله، ثم أعطاه الراية فنهض بالراية.
ثم ذكر الثعلبي صورة حال الحرب بين علي وبين مرحب، وكان على رأسه مغفر مصفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، ثم قال: فاختلفا ضربتين فبدره علي عليه السلام بضربة فقد الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الأضراس، وأخذ المدينة وكان الفتح على يده (1).
(قال عبد المحمود) مؤلف هذا الكتاب: ورأيت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في الموضع الذي تقدمت الإشارة إليه وهو في أواخر كراس من الجزء الرابع زيادة وهي: أن عمر بن الخطاب قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتشاوقت لها رجاء أن أدعى لها. قال: فدعا رسول الله (ص) علي بن أبي طالب فأعطاه الراية وقال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك.
قال: فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ يا رسول الله على ماذا أقاتل؟
قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن فعلوا فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (2).