يمكن أن يحدث من الحوادث ما يصير تأخير البيعة واجبا لا جائزا، فكيف جاز منه الإقدام على إطلاق الأمر بقتلهم؟ وهم كانوا من أعيان الصحابة عند أكثر المسلمين، ما هذا إلا الاستخفاف بالدين.
وذكر إبراهيم بن محمد الثقفي في الجزء الثالث من كتاب المعرفة بروايته عن رجال الأربعة المذاهب قد وحا كثيرة وطعونا عظيمة في الخمسة الذين ضمهم عمر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام في الشورى وكلها قدوح في دين هؤلاء الخمسة وفي أنسابهم، فلينظر كل من شك في ذلك إلى الكتاب المذكور.
ومن طرائف مناقضتهم في كثير من أفعالهم وأقوالهم ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في الحديث الرابع من المتفق عليه من مسند عمر بن الخطاب عن ابن عمر من رواية سالم عنه قال: دخلت على حفصة ونوساتها تتنظف فقالت: أعلمت أن أباك غير مستخلف؟ قال: قلت: ما كان ليفعل. قالت: إنه فاعل. قال: فحلفت أن أكلمه في ذلك، فسكت حتى غدوت ولم أكلمه قال: فكنت كأنما أحمل بيميني حبلا، حتى رجعت فدخلت عليه فسألني عن حال الناس وأنا أخبره، قال: ثم قلت له: أني سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف وأنه لو كان لك راعي إبل أو راعي غنم ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع فرعاية الناس أشد قال:
فوافقه قولي فوضع رأسه ساعة ثم رفعه إلي فقال: إن الله عز وجل يحفظ دينه وأني لئن لا أستخلف، فإن رسول الله " ص " لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر قد استخلف قال: فوالله ما هو إلا ذكر أن رسول الله " ص " وأبا بكر فعلمت أنه لم يكن ليعدل برسول الله أحدا وأنه غير مستخلف (1).