صاحب إحياء علوم الدين الغزالي في الجزء الأول من الإحياء في الفصل الرابع من قواعد العقايد في الوجه الثالث من الفصل المذكور في أواخره فقال ما هذا لفظه: حتى كان عمر بن الخطاب يسأل حذيفة عن نفسه وإنه هل ذكر في المنافقين (1).
(قال عبد المحمود): هذا شئ عجيب لأن حذيفة كان صاحب سر رسول الله " ص " في المنافقين والكفار، كذا روى رواتهم ونقلة الأخبار فسؤال عمر هل ذكره رسول الله " ص " فيهم من عجيبات المسائل، لأنه إن كان ذكره رسولهم في المنافقين وهو يعلم من نفسه ذلك فلا معنى للسؤال.
على أنه يقال لولا أنه يعلم من نفسه ما يليق بهذه الحال ما سأل عنها، فرأيت في موضع آخر أن حذيفة قال له: أنت أعلم بنفسك. ولو كان حذيفة يعلم أنه ما هو منهم قال: لا ما أنت منهم لأنه خليفة يخاف ويرجى، فتقية حذيفة تشهد له بالطعن عليه وقد كان مستغنيا بما أشار إليه.
ومن طرائف ذلك ما ذكره الغزالي أيضا في كتاب أسرار الطهارة فقال ما هذا لفظه: حتى أن عمر مع علو منصبة توضأ من ماء في جرة نصرانية (2).
(قال عبد المحمود): أي فضيلة في أن يكون عمر يتوضأ للصلاة من ماء أعداء الله ورسوله المشركين الذين أنجاس بمضمون كتابهم " إنما المشركون نجس " (3) ولقد بلغ القوم في ذم خليفتهم عمر بغاية الاجتهاد وأراحوا أعداءهم من النقل والإيراد.