ذلك عنه وإن كان غير نبي، فما كان ينبغي حسن التدبير وحفظ منزلته أن تسقط حرمته بذلك العدو عند زوجته وصحابته، ولو فعل ذلك من هو دونه من العقلاء سقطت منزلته بين الفضلاء، فكيف استجاز هؤلاء القوم تصديق مثل هذا البهتان وتسهيل اللعب والباطل على الجهال بإيراد هذا الخبر لا يخفى أنه من الهذيان؟.
ومن طريف تعصبهم لعائشة بالكذب تعظيمهم لها بلسان الحال والمقال على خديجة زوجة نبيهم وسائر أزواجه، ومن المعلوم المسلمين أن خديجة أول من آمن بنبيهم من النساء، وأول من صلى منهن معه، وأنها عاونته بمالها ونصرته حين خذله أكثر الناس وآنسته حين أوحشوه وصدقته حين كذبوه، وجعل الله ذريته منها وشهد لها في حياتها وبعد وفاتها بالجنة، وكان يكثر من مدحها ويثني عليها حتى حسدتها عائشة وعاتبته على ذلك فاعتذر إليها بإحسان خديجة إليه وحسن صحبتها له، وجميع ذلك قد رووه في صحاحهم.
377 - فمن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الثمانين في المتفق عليه من مسند عائشة قالت: ما غرت أحد من نساء النبي " ص " ما غرت على خديجة، وما رأيتها قط، ولكن كان يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم تكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول " ص ": إنها كانت، وكانت لي منها ولد، وقالت عائشة: ولقد أمره ربه عز وجل أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة (1).
وأجمع المسلمون على أن خديجة من أهل الجنة وأن الشك في بشارة النبي