القوى. ويقال: الاعتماد على قول الامراء كالاستناد على الماء الجاري، لعل وجه التشبيه هو انهم لا ينفكون عن الملالة والسأم في أغلب الليالي والأيام لكثرة اشتغالهم بأمور الخلق ومصالح الأنام، وفى بعض النسخ: لملوك، والظاهر أنه سهو ومنشأه ما ذكر آنفا ووجه كونه سهوا هو ان الملك والامارة من حيث هو ليس علة للغدر بل باعتبار الملالة كما لا يخفى.
26 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
لا كرم أعز من التقوى.
أقول: الكرم عموم النفع بالموجود بلا ضنة ولا منة، وأعز أفعل من العز بمعنى القوة، أو من العزة بمعنى الغلبة والقهر، والتقوى جماع الخيرات، وحقيقة الاتقاء التحرز بطاعة الله تعالى عن عقوبته يقال: اتقى فلان بترسه، واصل التقوى اتقاء الشركة: ثم بعده اتقاء المعاصي والسيئات، ثم بعده اتقاء الشبهات، وثم بعده يدع (1) الفضلات، وقيل: التقوى على وجوه، للعامة تقوى الشرك، وللخواص تقوى المعاصي، وللأولياء تقوى التوسل بالافعال، وللأنبياء تقواهم منه إليه، وقال الواسطي: التقوى ان يتقى تقواه اي من رؤيته تقواه كذا في الرسالة القشيرية (2).
المعنى ان من اتصف بمراتب التقوى كان أفضل كرما وأعم نفعا، لان التقوى مجمع الخيرات واصل الطاعات ومدار الكرامات، قال الله تعالى: ان أكرمكم عند الله اتقاكم (3).