والمعنى - ان من اتصف بصحة البدن وسلامة الايمان فقد اجتمع فيه أحسن نعم الدنيا والآخرة، إذا لا نعمة أحسن وأفضل منها كما يقال: أفضل رأس المال الصحة، ويجوز أن يكون المراد من السلامة سلامة الغير من أذية الرجل.
يعنى - ان أفضل أحوال الرجل ان يسلم غيره من اذيته وجوره كما يقال: المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والله أعلم.
31 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
لأداء أعيا من الجهل.
أقول: الداء المرض تقول منه داء يداء من خاف يخاف داء بالمد والجمع أدواء، وأعيا اسم تفضيل من الاعياء على خلاف القياس يقال: داء أعيا اي صعب لا دواء له كأنه أعيا الأطباء وأعجزهم، والظاهر أن المراد من الجهل هو الجهل الكامل المطبوع عليه المسمى بالجهل المركب إذ غيره يسهل زواله.
المعنى - ان الجهل المطبوع عليه مرض شديد ليس له دواء يورث لصاحبه الشقاوة والقساوة ويمنعه عن قبول الحق والهداية فلا ينفعه دواء الآيات الواضحة وعلاج المعجزات الساطعة بل تزيده نفورا واستكبارا كما قال تعالى حكاية عن نوح النبي عليه الصلاة والسلام فلم يزدهم دعائي الافرارا (1)، أعاذنا الله تعالى بلطفه عن ظلمة الجهل والفساد، وهدانا بفضله إلى طريق الحق والرشاد، انه رؤوف بالعباد (2) -.