قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
في كل جرعة شرقة، ومع كل اكلة غصة.
أقول: الجرعة من الماء بالضم حسوة منه، والشرقة من الشرق بفتحتين وهو الشجا والغصة، والاكلة بالضم اللقمة الواحدة، والغصة من الغصص بفتحتين وهو مصدر غصصت بالطعام بالكسر من باب علم.
يعنى - ليس في العالم راحة بلا ألم ونعمة (1) بلا نقم، بل كل من الحسن والقبيح والكثير والقليل والصلاح والفساد مشتبك ومختلط بالآخر، فان بعض الدرهم هم وآخر الدينار نار، فالدنيا إذا محل اعتبار فاعتبروا يا أولى الابصار.
75 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
من كثر فكره في العواقب لم يشجع.
أقول: من رام حصول أمر مهم له وأكثر فكره في عاقبة ذلك الامر هل يتيسر بالخير واليسر ولا يعرض له الشر والعسر، يقع الخوف والهيبة في قلبه ولم يجترئ للدخول في بابه، فلا جرم يكون محروما عن مرامه، فاللائق ان يجتهد في مطلوبه متوكلا على تقدير الله سبحانه فان كل ما قدره واقع والحذر (2) والامتناع عنه غير نافع، بيت:
فقلت: خلوا سبيلي لا أبا لكم * فكل ما قدر الرحمن مفعول كل ابن أنثى وان طالت سلامته * يوما على آلة حدباء محمول