قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
لا مرض أضنى من قلة العقل.
أقول: يقال: أضناه المرض أثقله وجعله ضعيفا، والضنى بالقصر المرض وبابه صدى فهو رجل ضني على وزن فعيل وضن على وزن فعل بحذف الاخر يقال:
تركته ضنيا وضنيا بالتخفيف والتشديد.
المعنى - من كان من العقل قليل البضاعة ومن الفهم قصير الباعة كمثل المريض الذي ضعف جسمه من شدته ونحف بدنه من قوته بل هو أضعف حالا منه لعجزه عن درك العواقب وخلوه عن الرأي الصائب.
33 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
لسانك يقتضيك ما عودته.
أقول: اللسان العضو المخصوص وقد يراد به الكلمة فعلى الأول يقال: ثلاثة ألسنة بالتذكير، وعلى الثاني يقال: ثلاث ألسن بالتأنيث، والاقتضاء والتقاضي طلب أداء الدين، وقد يستعمل بمعنى الايجاب، والتعويد تصيير الشئ عادة.
المعنى - لا تجعل ما قبح من الكلام وفحش منه مثل الشتم والنميمة عادة للسانك فإنه يطلب منك ما يعتاده ويوجب عليك أداءه فمهما أطلقته يصدر منه من الكلام ما لا ينبغي فاطلاقه يوجب تقييدك بقيد المضرة، ووقوعك في موقع الهلكة والمعرة كما قيل:
لسانك أسدك ان أطلقته يأكلك، وقال الشاعر:
يموت الفتى من عثرة بلسانه * وليس يموت المرء من عثرة الرجل وعثرته بالفم ترمى برأسه * وعثرته بالرجل تبرى على مهل