28 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
لا معقل أحصن من الورع.
أقول: المعقل الملجأ، والورع بفتحتين مصدر من ورع يرع رعة بكسر الراء في الثلاثة وهو التحرز والامتناع عم لا ينبغي، والورع بكسر الراء صفة بمعنى التقى كذا في مختار الصحاح. قال يحيى بن معاذ: الورع الوقوف على حد العلم من غير تأويل، وقال يونس بن عبيد الله: الورع الخروج عن كل سيئة ومحاسبة النفس مع كل طرفة، قيل: جاءت أخت بشر بن الحارث الحافي إلى أحمد بن حنبل وقالت: انا نغزل على سطوحنا فتمر بنا المشاعل الظاهرية ويقع الشعاع علينا أفيجوز لنا الغزل في شعاعها؟ - فقال احمد:
من أنت عافاك الله؟ - قالت: أخت بشر الحافي، فبكى أحمد وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق، لا تغزلي في شعاعها. وقال على العطار: مررت بالبصرة في بعض الشوارع فإذا مشايخ قعود وصبيان يلعبون، فقلت لهم: ما تستحيون (1) من هؤلاء المشايخ؟ - فقال صبي منهم: هؤلاء المشايخ قل ورعهم، فقلت هيبتهم، كذا في الرسالة القشيرية (2).
المعنى - إذ أردت ان تخلص نفسك من الآفات والعاهات وتفحصت ملجأ تستعيذ به فصاحب الورع والتقى فإنه ليس في الدنيا حصن أشد منه ملجأ وأقوى ملاذا.