3 - قال أمير المؤمنين رضي الله عنه:
الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم.
أقول: الناس مبتدء وأشبه خبره مع إفراده لالتزامهم الافراد مع التذكير في أفعل من، قوله: بزمانهم، متعلق بأشبه باعتبار الزيادة، وقوله: بآبائهم، متعلق به باعتبار الأصل فلا يرد عليه كون الشئ الواحد مفضلا ومفضلا عليه من جهة واحدة بل التفضيل راجع في الحقيقة إلى مأخذ أفعل الفضيل فكأنه قال: شبه الناس بزمانهم أزيد وأكثر من شبههم بآبائهم.
المعنى ان جميع الناس يوافقون الزمان أكثر موافقة ويشابهونه أشد مشابهة: حتى إذا رأوا أحد جعله الدهر ذا الجاه طيب الأحوال وكثير الأموال وصاحب الخدم والحشم مع كونه أدنى نسبا وحسبا وأقل علما وأدبا يعظمونه أشد تعظيم ويكرمونه أعظم تكريم ويحبونه أتم محبة ويودونه أكمل مودة، وإن كان بينه وبين آبائهم عداوة ظاهرة ومخالفة بينة، وإذا رأوا أحدا على خلاف ذلك يحقرونه (1) كل الحقارة ويهينونه حق، الإهانة، وإن كان بينه وبين آبائهم محبة قديمة ومودة مستديمة (2).